عندما نسمع جملة “ارتفاع ديون النادي” نتوقع بأن النادي لا يملك السيولة الكافية لتغطية مصاريفه او حتى تكاليف الانتقالات، وانه توجه للبنوك لتغطية هذه المصاريف وهذا غير صحيح لحد ما. الأندية مثل الشركات الخاصة فعندما تستدين هذا لا يعني بأن الجهة تعاني من عجز تستخدم الدين كوسيلة لتغطية العجز، قد يكون القرض فرصة كبيرة للنادي للتوسع كبناء ملعب جديد، مقر تدريبات جديد، او حتى توسع من ناحية العلامة التجارية. الاستدانة قد تكون اقل خطر على النادي من استخدام النقد المتوفر لدى النادي. نستطيع بأن نعرف متى تكون الديون غير صحية عندما نعرف تركيبة النادي، مصادر الدخل وهل إيرادات النادي معتمدة بشكل كبير على المجال الرياضي بشكل كلي؟ ام ان النادي معتمد بشكل كبير من توسع علامته التجارية واستثماراته بالرياضة النسائية والرياضات الالكترونية. وأيضا تفاصيل القروض مثل نسبة الفوائد وتاريخ سداد القرض. هنالك الكثير من التفاصيل التي نحتاج ان نطلع عليها قبل ان نحدد ان كان ارتفاع الديون صحية ام انها ستؤثر بشكل سلبي على النادي او على القطاع الرياضي بشكل عام.
الدوري الإنجليزي يعتبر اغنى دوري كرة قدم بالعالم، بسبب شعبيته الكبيرة حول العالم التي جعلت شركات النقل التلفزيوني تتصارع على حقوق النقل وبالتالي ترتفع الاسعار بسبب كثرة الطلب. ولكن فايروس كورونا كان ضربة موجعة لأندية البريميرليغ والذي جعل الكثير من الأندية تدرك بان اعتمادهم بشكل كبير على مصدر رئيسي (حقوق النقل التلفزيوني) يزيد من المخاطر بسبب احتمالية انهيار هذا الجانب من الإيرادات. أندية مثل بيرنلي وبرايتون تعتمد بشكل كبير على حقوق النقل التلفزيوني وبالتالي عندما توقف الدوري في منتصف عام ٢٠٢٠، أعلن نادي بيرنلي بأنه في خطر الإفلاس لان هذا الجانب من الإيرادات هو المتنفس الوحيد للنادي والذي من خلاله سيستطيع تحمل تكلفة الرواتب غيرها من التكاليف.
توقفت الجماهير من الحضور، عقود الرعاية قلت بسبب بعض البنود، البعض تعثر، والبعض مستمر في دفع نفس القيمة، ولا ننسى تعويضات الأندية لـ سكاي وبي تي بسبب تأجيل نهاية الدوري. العجز المالي قلل من حركة سوق الانتقالات، ولا ننسى بأن طبيعة الأندية هي تمويل الانتقالات بالآجل، فبالتالي لا تدفع قيمة اللاعب دفعه واحده، بل تقسم بناء على اتفاق الطرفين. بعض الأندية تملك مالك ثري مثل تشيلسي ومالكه ابراموفيتش الذي قادر بأن يضخ أموال للنادي وبالتالي النادي يستطيع بأن يدفع كامل المبلغ بشكل مباشر. الأندية الغير قادرة تدفع سنه تلو الأخرى، حتى تسهل عليهم عملية السداد. لكن عندما تعاني الأندية من انهيار في جانب الإيرادات، سيصعب عليها دفع مصاريفها، تحاول تقليل رواتب اللاعبين وتقليل المصاريف الأخرى، وتحاول بأن تملك السيولة الكافية لدفع فوائد الديون وحتى دفع مستحقات الأندية الأخرى. عند افلاس نادي او اثنان، سيشهد البريميرليغ انهيار أندية أخرى بسبب عدم قدرتهم لتحصيل مستحقاتهم.

ارتفعت صافي ديون الأندية لما يقارب ٤ مليار، وهذا أكثر بكثير من اجمالي إيرادات أندية البريميرليغ، فالديون تشكل ١٢٠٪ من إيرادات الأندية. أندية مثل ارسنال وتوتنهام اقترضوا من الحكومة بنسبة فوائد قليلة ولكن هذا يوضح بان أندية بهذا الحجم توجهت للاقتراض، فكيف هو الحال للأندية الصغيرة؟ البنوك بدأت تتجنب اقراض أندية البريميرليغ هذه الفترة بسبب ارتفاع المخاطر وهذا يوضح سبب دخول شركات مثل ام اس دي للسوق واقراض ساوثمبتون وغيرهم.
الوضع ليس بالسهل لأندية الدوري وتحمل هذا الكم من المخاطر سيولد مخاطر أخرى. خلال هذه الفترة الأندية قادرة على سد العجز بالاقتراض، ولكن ماذا لو استمرت الأزمة؟ الشركات الراعية ستدفع أقل، حقوق النقل ستكون اقل، الحضور الجماهيري معدوم، وهذا يتسبب في نقص كبير من الإيرادات، ولكن ماذا عن الالتزامات؟ ستدخل الأندية في دوامة كبيره ومن خلالها يصعب التنفس بدون الديون، وان لم تسدد الديون سنشهد انهيار ضخم قد يغير من الرياضة للأبد.
ختاماً كرة القدم تشهد نقطة تحول تاريخية بسبب ازمة فايروس كورونا ستعدل الكثير من السياسات و افكار الاندية في طريقة تعاملها مع اللعبه في توفير السيوله و تلقي الدعم بالشكل الصحيح، وهذا ما اقترحته حكومة بريطانيا على الإتحاد الإنجليزي بالبدء بالإصلاحات على سياسات كرة القدم في انجلترا بعد الخروج من الإتحاد الأوروبية و ازمة فايروس كورونا التي ضربة الأندية بقوة من الناحية المالية.
كتابة : سلطان الرشيد