-اشتروا لاعبيهم بـ 25 مليون وباعوهم بـ 250 مليون- لما يعد ليستر أذكى الأندية في مسألة الإنفاق؟

-ترجمة جنى محمد-

يقول مدرب فريق ليستر سيتي (بريندان رودجرز): “سُئلت عن رأيي حول شكل النجاح في أول يوم جئت به إلى النادي، وكنت على علم بصعوبة المشوار نحو تحقيق أحد المراكز الستة الأولى وذلك لأسباب عدة كالمداخيل المالية وجودة مستوى الأندية الموجودة. ولكن هذا هو سبب مجيئي إلى ليستر، فلقد تمكنّا من تحقيق ذلك في الموسم الماضي وسيكمن التحدي والنجاح هذا الموسم في معاودة تحقيقه مرة أخرى.”

واثبت ليستر بوضع ثقله مرة أخرى هذا الموسم متحديًا فكرة أن تحقيق الأهداف يستلزم إنفاق مبالغ طائلة، حيث بدأت تُجنى ثمار صعودهم للبريمير ليغ عام 2014 والذي يمثل أيضًا سياسة النادي ذات الانتاجية المستمرة في التعاقدات.

هذا لا يعني هذا بأن النادي لم يستثمر، إذ يُعتبر الفريق الحالي ثامن أغلى فريق في الدوري بقيمة ( 284 مليون جنيه استرليني )، وقد كان الإنفاق كبيرًا في آخر فترتي انتقالات صيفية حيث تجاوز 30 مليون جنيه إسترليني بعد تعاقدهم مع يوري تيلمانز المنظم لخط الوسط الذي سجل هدف الفوز في نهائي كأس الإتحاد الإنجليزي امام تشيلسي في ويمبلي و ويلسي فوفانا المدافع الشاب الذي يعد استثمارًا فعليًا للنادي، ورغم ذلك فيعدّ إنفاقهم حذرًا مقارنة ببعض منافسيهم.

ولم يحتم هذا الإنفاق نجاح كل صفقاتهم، كما كان الحال في فترة الانتقالات لصيف 2016 حين ضخوا الكثير من الأموال لمحاولة الدفاع عن اللقب وخوض تحدي دوري أبطال أوروبا في الوقت ذاته، من خلال التعاقد مع العديد من اللاعبين ( أحمد موسى وإسلام سليماني، ولاحقًا فوسيني دياباتي وأدريان سيلفا ورشيد غزال ) لكنهم كانوا جميعًا دون المستوى المأمول. ولكن بالطبع كانت هناك عدة تعاقدات ذكية لم تعزز فحسب جودة الفريق تحت إدارة مختلف المدربين، بل شكلت إضافةً إلى (القيمة المتبقية).

ومنذ ذلك الحين، لم يبع ليستر سوى لاعبًا واحدًا في كل فترة انتقالات، وكانت تقدّر قيمة عقود كلّا من (أنجولو كانتي ورياض محرز وداني درينكووتر وهاري ماجواير وبن تشيلويل) بـ 25 مليون، ثم انتقلوا من النادي بعد ذلك بمبلغ مجموعه 250 مليون جنيه إسترليني. ورغم ما سبق فلا يتعلق الأمر بالنسبة لملاك ليستر بمسألة العمل وحدها، إذ يدرك النادي عدم امكانية منافسة (الستة الكبار) ماليًا وموازاة ضخ مواردهم العالمية الضخمة، لذا تستوطن سياسة التعاقد ثقافة النادي وهيكلته وقيادته.

وهناك فلسفة طويلة الأمد للأندية في بدايتها، فبدلاً من البحث عن حل سريع ذو تكلفة أكثر، يتبع ليستر منهجًا أكثر شمولية في استقطاب اللاعبين وتطويرهم، وكان هذا عاملاً رئيسيًا في قرار (رودجرز) بالمجيء إلى ليستر ومغادرة نادي سيلتيك، إذ أن هناك تصور سائد بين المدربين بأن ليستر أحد الأندية القليلة في البريمير ليغ حيث توجد فرصة البقاء في النادي لفترة طويلة إذا قاموا بعملهم جيدًا، فهناك وجهة نظر مفادها أنه قد يمنح ملاك النادي المدرب وقتًا أطول إذا رأوا نتائجًا أولية، حتى وإن كانت النتائج يجب أن ترتفع لتصل إلى التوقعات.

وعملية البحث عن مدافع في فترة الانتقالات الأخيرة أحد الأمثلة على هذا المنهج، حيث كان ضمن قائمة الخيارات المطلوبة ( جيمس تاركوفسكي )– مدافع بيرنلي و المنتخب الانجليزي – والذي يشكل قيمة إضافية، إلى جانب اللاعب الشاب (فوفانا)-مدافع سانت إتيان- الذي لعب 30 مباراة فقط على صعيد الفريق الأول.فقدم ليستر عرضًا لكليهما، إلا أنهم فضلوا (فوفانا) فدفعوا 32 مليون جنيه إسترليني -أحد أكبر الصفقات التي دفعها النادي- مؤمنين بأنه سيقدم عطاءً أفضل على المدى الطويل، وسيكون ذو (قيمة متبقية) أعلى مستقبلًا.

لم تكن هذه السياسة مُتبعة لمرة واحدة وحسب، فعادةً ما يوقع النادي مع لاعبين شبان ذوي امكانيات عالية من أندية مشابهة لليستر، وبذلك يكون الانتقال أقل صعوبة حين يكون الناديين على مستوى متقارب يركز كلّا منهم على العمل الجاد، ومن الأمثلة الصريحة ( جيمس جاستن ) من لوتون تاون، و ( كاجلار سويونكو ) من فرايبورغ، و ( تيموثي كاستاني ) من أتالانتا، و ( جيمس ماديسون ) من نوريتش سيتي.

ولكن يقف هذا كله على ثقة المسؤولين الكبار بمدير الكرة وبمدير التعاقدات وبالمدرب لقيادة العمل، ويعد ليستر أحد أقل أندية الدوري فوضوية على الصعيد الإداري، إذ يفضل مدير الكرة بالنادي (جون رودكين) الذي كان مدربًا في الأكاديمية، التمكين الكلي للمدرب والسماح له بإدارة الفريق، فلا تدخل للملّاك ولا تأثير للوكلاء في هذا الجانب. وهذا يعني أن للمدرب الكلمة الأخيرة في انتقالات اللاعبين وحتى تعيين أعضاء طاقمه، بما في ذلك مدير التعاقدات الحالي (لي كونغرتون) الذي سبق عمل كمدير استكشاف اللاعبين الواعدين حينما كان (رودجرز) مدربًا لفريق تشيلسي الرديف، ومن ثم عملوا سوية مرة أخرى في سلتيك.

فالمدرب يأتي ويرحل كما هو الحال مع مدير التعاقدات أيضًا، فـ (كونغرتون) كان خلفًا لـ(إدواردو ماسيا) و(ستيف والاش) في هذا المنصب، لكن عملية اكتشاف المواهب في ليستر ثابتة، فهناك استمرارية داخل إدارة الاستكشاف والتعاقدات من حيث دعم بعضهم البعض في إطار عملية محددة نحو هدف البحث عن قدرات اللاعبين وشخصياتهم ومدى ملاءمتهم للنادي.فقد تتطور منهجية التعاقدات بمرور الوقت، خاصة في جانب استخدام التكنولوجيا للمساعدة في عملية البحث والاستطلاع، لكن الفلسفة العامة تبقى كما هي؛ حيث يجب أن يكونوا شبانًا يمتلكون قدرات جيدة يمكن تنميتها، إلى جانب توافقهم مع روح الفريق. ويُعد هذا المنهج في غاية الأهمية، ففي كثير من الأندية يكون هناك تدخل ممن هم أعلى أو من المدربين أو المدراء الذين يغادرون في منتصف الموسم. أما في ليستر، فالنظام ثابت والأفراد متحركون.

كما يُتبع المنهج ذاته في النادي الشقيق والصاعد حديثًا أود هيفرلي لوفين البلجيكي الذي يحتل المركز الثامن في دوري الدرجة الأولى، حيث يدعم الملّاك مديري التعاقدات كما يفعلون مع ليستر.

في النهاية، ليستر فريق يعرف هويته، وهم على علم بالقيود المالية المحيطة بهم وضرورة الدخول في سوق انتقالات مختلف عن الأندية التي يطمحون إلى منافستها، وهم أيضًا لا يشعرون بالقلق لأن الأندية الأخرى قد تغري لاعبيهم الذين يطوروهم في مرحلةٍ ما.فلم يغب عن أنظار الأندية الأخرى كلًّا من ( تيلمانس و ماديسون و سويونكو ) الذين سترتفع قيمهم السوقية بشكل كبير، لكن ليستر كان الأسبق حين تردد الآخرون. فوفقًا لـ ( Transfermarkt )، تُقدر قيمة فريق ليستر الآن بـ 422 مليون جنيه إسترليني، ولكن بالنسبة للنادي فقيمة هؤلاء اللاعبين سترتفع مع الوقت، وسيكونون جميعًا ضمن نطاق 50 مليون جنيه إسترليني التي دُفعت لليستر مقابل ابن الأكاديمية (تشيلويل) في عام 2019.

وقد يغادر لاعبٌ آخر الفريق هذا الصيف كما جرت العادة، لكن ليستر سيظل دائمًأ متبعًا سياسة تعويض اللاعبين باستخدام “المنهج ذاته”.

-تقرير روب تانر من ذا اتليتيك-

شاهد أيضاً

ليستر سيتي يريد تعيين غراهام بوتر كمدرب للفريق

يهتم ليستر بالتحدث إلى جراهام بوتر بشأن تدريب النادي، لكنه يقبل أنه قد يتعين عليهم …

ليستر سيتي سيبدأ البحث عن مدرب جديد

سوف يطير رئيس ليستر سيتي آياوات سريفادانابرابا إلى بريطانيا غدًا حيث يبدأ النادي البحث عن …

ليستر سيتي يعلن إقالة المدرب رودجرز

توصل نادي ليستر سيتي إلى اتفاق متبادل مع بريندان رودجرز يقضي بتركه للنادي بعد أربع …

برايتون مستعد لبيع كايسيدو، لكن يريد 85 مليون باوند.

برايتون مستعد للاستفادة من مويسيس كايسيدو مالياً ببيع عقد اللاعب المطوب بكثره في اوروبا، لكن …

رودجرز عن انتقالات الشتاء : أتمنى أن نتمكن من القيام ببعض الصفقات

سُئل بريندان رودجرز عن فترة الانتقالات في يناير ويأمل مدرب ليستر سيتي في بعض الإضافات …

اهلاً وسهلاً، شاركنا رأيك او استفسارك للإجابة عليه في اقرب وقت ممكن