الفحوصات الطبية للاعبين

-ترجمة جنى محمد-

علينا توضيح نقطة مهمة حول الفحوص الطبية قبل أن نتطرق إلى بعض مما يجري خلالها وما تنطوي عليه من سرية.
يقول جاري لوين، أخصائي العلاج الطبيعي السابق لأرسنال ووست هام والمنتخب الإنجليزي: “لا يتعلق الأمر في الفحص الطبي بالاجتياز من عدمه، إنما باعتباره تقييمًا للمخاطر المتعلقة باللاعب. قد يأتي مجلس الإدارة ويقول مثلًا: “لدينا لاعب بصفقة انتقال لأربع سنوات بقيمة 60 مليون جنيه إسترليني وبراتب 10 ملايين جنيه إسترليني سنويًا، فما المخاطرة التي نتحملها في انفاقنا 100 مليون؟”
يكمل جاري: “لقد سبق وأن تعاقدنا مع لاعبين قبل معرفتنا بأن لديهم مشاكل صحية. ورغم ذلك فإن الأمر معتمد على شروط العقد وأهمية اللاعب بالنسبة للمدرب والنادي حيث تطغى هذه الأشياء على نتيجة الفحص.
تستخدم بعض الأندية أنظمة الألوان في نتيجة الفحص؛ إذ يعني الأحمر عدم ملائمة اللاعب طبيًا للتعاقد معه، ويدل الأخضر على عكس ذلك. أما الأصفر يدل على وجود مخاطرة صغيرة تعتمد على قيمة العقد.”

لكن المشكلة تكمن في عدم استطاعة الطبيب في الحصول على فرصة لتقييم اللاعب، يقول أحد الأطباء النخبة: “حين كنت أعمل مع أحد الأندية أُعلن عن التعاقد مع لاعب ولم أقم بالفحص الطبي، فاتصلت بسكرتير النادي لسؤاله، فقال: (لم يكن لدينا وقت). وبالتالي قمت بالفحص في اليوم الثاني.”
يعد الفحص الطبي موضوعًا شيّقًا للتعمق في تفاصيله إذ هو جزء لا يتجزأ من عملية الانتقالات، ولكن القليل منا يعرف ما يجري عدا أنه أحد الأمور الأخيرة التي تسبق التوقيع مع اللاعب.

يختلف الوقت المستغرق المفترض في إجراء الفحص عما يحدث في الواقع، إذ يحتاج الأخصائي -نظريًا- يومين لاستكمال الفحص الطبي، أما في الواقع سيكون لديه خمس إلى ست ساعات في أفضل الأحوال. ويضيف: “يتم إجراء الفحوصات غالبًا في يوم واحد، وعادة ما يكون الدافع (الوقت) تجنبًا توقيعه لنادٍ آخر.”

ورغم ذلك قد يحتاج الأخصائي إلى اتخاذ موقف سواء مع النادي أو ممثل اللاعب. يقول ديف هانكوك، أخصائي العلاج الطبيعي في ليدز يونايتد عندما انتقل فرديناند من وست هام يونايتد إلى إيلاند رود في 2000م: “لقد أجرينا الفحص الطبي لريو فرديناند صاحب الصفقة الإنجليزية القياسية في ذلك الوقت والمقدرة بـ 18 مليون جنيه إسترليني، فقلت للنادي: (أنا بحاجة إلى يومين لإجراء الفحص الطبي)، وبالطبع لم يعجبهم الأمر، فرددت: (أريد التأكد من أن اللاعب في أفضل حالاته، أنتم ستنفقون 18 مليون جنيه إسترليني!).
يقول مالكولم ستيوارت، أخصائي العلاج لنادي برايتون آند هوف ألبيون (1988-2010)، معلقًا على إجراءات الفحص الطبي التي تغيرت على مر السنين: “كنا نجري أشعة سينية للحوض والكاحلين والركبتين عندما بدأنا العمل لأول مرة، ولكن كان علينا التوقف إذ لا يُسمح طبيًا بإجراء الأشعة إلا لوجود إصابة تستدعي ذلك وليس للفحوص الروتينية. أتذكر أنني أخضعت لاعبًا لتصوير ركبتيه عبر الأشعة السينية وقدم لي أخصائي الأشعة تقريرًا قائلًا: (لا أعتقد أن هذه الأشعة مهمة لأنكم ستوقعون معه على أي حال، سبق وأن أجريت فحصًا طبيًا لتقييم ركبتي هذا اللاعب عندما عملت في مانشستر، وأشرت للنادي بخطورة التعاقد معه لكنهم رغم ذلك وقعوا) سألته عن اللاعب فأجاب: (دينيس لو). قلت: (إنصافًا؛ كان عليهم المجازفة بذلك).”

تبدأ اجراءات الفحص الطبي قبل وقت طويل من وصول اللاعب حيث يُبلّغ أخصائي العلاج من قبل النادي عند اقتراب اتمام الصفقة ليبدأ بالتحقق من الخلفية الطبية للاعب. يوضح لوين حول عدم امكانية الوصول للسجل الطبي للاعب كون الأمر حينها ليس رسميًا: “لهذا السبب يتوجب علينا فعل اللازم فيما يتعلق بسجل اللاعب وإصاباته التي ظهرت للإعلام، فنبحث عن عدد المباريات التي خاضها في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة والتي غاب عنها، ومن ثم البحث بعد ذلك لمعرفة ما تعرض له من إصابات. كما يمكننا التواصل بأشخاص سبق لهم التعامل مع اللاعب، ولكنهم قد يمتنعون من مشاركة المعلومات بسبب سريتها.”

أصدر الفيفا في أواخر التسعينيات مجلدات فردية لتخزين المعلومات المتعلقة باللاعبين بحيث يكون لكل لاعب ملفه الطبي الخاص، ولا يمكن النادي الإفصاح عما يحويه إلا بموافقة اللاعب. يقول هانكوك: “كانت تلك فكرة رائعة، حيث كان يُرسل سابقًا كل ما تم تدوينه من الملاحظات عبر الفاكسات.”

غيرت الثورة الرقمية مما يتعلق بالفحص الطبي أيضًا، فلم يعد الطبيب بحاجة للقلق حول ما عليه معرفته عن اللاعب الجديد. يقول لوين في فترة عمله قبل ذلك: “لم يسبق لي أن أجريت فحصًا للاعب زُوّدت بملفه الطبي.”
ويروي ستيوارت عن تغير الوضع قائلًا: “كنا سابقًا حين نتعاقد مع لاعبٍ جديد لا نستطيع الحصول على ملفه الطبي أو نحصل عليه وقد قام الوكلاء بالتلاعب في المعلومات التي يحويها وطمس التي لا يريدون من الآخرين معرفتها.”

وعلى الرغم من سهولة مشاركة الأخصائيين للسجلات الطبية إلكترونيًا إلا أنه لا يمكنهم نشرها إلا بعد أن يصبح كل شيء رسميًا. يصف أحد الأطباء -الذين لا يفضل ذكر اسمه- ما يجري قائلًا: “إنها أشبه بالعملية السرية؛ لنفترض أنني اتصلت بطبيب أحد الأندية كليفربول أو السيتي أو اليونايتد، وتحدثت معه بشكل غير رسمي ليخبرني عن التاريخ الطبي لأحد اللاعبين، لن يُسمح له بذلك إلا بإذن اللاعب. لذا نجري هذا بطريقة غير مباشرة فحين يأتي اللاعب نعلم من خلال ما قيل لنا أنه لا يعاني من أية مشاكل حيث أُجريت عليه اختبارات القلب وتحاليل الدم سنويًا، وبالتالي يصبح الفحص عامًا أكثر.

“لطالما نأمل نحن الأطباء في أن تكون الفحوص الطبية دقيقة جدًا، ولكن البعض لا يتمنى ذلك. قد يأتي المدير ويقول :”شكرًا لك! لقد تعطلت صفقة الإعارة بسبب ما ذكرته حول إصابة ركبة اللاعب. لقد فحصوه وهم ليسوا على استعداد لتحمل هذه المخاطرة.”

ومن المثير للاهتمام أن الأندية ستحاول تسريع الصفقة برمتها عبر إنهاء الفحص الطبي حتى قبل الاتفاق على مبلغ الانتقال. وقد تقطع الأندية شوطًا طويلًا في الصفقة إذ لا يدل هذا فقط على استبعادهم المخاوف بشأن صحة اللاعب ولياقته، ولكن أيضًا لإنهاء الصفقة بسرعة بمجرد انتهاء المفاوضات المالية.

يضيف الطبيب الذي لا يفضّل ذكر اسمه: “في الفترة الأخيرة أصبحت الأندية تعقّد الأمر حول إجراء الفحص الطبي في مقرها. يتعين علينا الإلتزام بالسرية حتى لا يتنبّه الآخرون لما نستهدفه من لاعبين، وأحيانًا وفقًا لقوانين الإتحاد الدولي. لذلك فأنا أفضّل السفر إلى مكان اللاعب واستخدام المراكز الرياضية بدلًا من فحصه في النادي أو في مستشفى خاص، لقد سبق لنا السفر إلى ألمانيا وإيطاليا لفحص اللاعب ومن ثم عودته إلى مقر ناديه.”

عندما سُئل ستيوارت عن رأيه حول ذلك هز رأسه نافيًا تعجبّه وقال: ” هنالك الكثير من العيادات خارج البلاد التي تسهّل إجراء الفحوصات الطبية بدلًا من هنا. كما أتذكر أحد المسؤولين إذ سبق وأن أعطاني رقم أحد الأشخاص للتواصل معه للحصول على ملف اللاعب الطبي بأي طريقة.”
يضيف لوين لما سمع: “من المستحيل إجراء فحص طبي رسمي للاعب وهو في عقدٍ ساري مع ناديه. خصوصًا إذا كان اللاعب بلا وكيل واتفق في نهاية عقده مع نادٍ آخر. أي نظريًا؛ يمكنه الإتفاق مع النادي ولكن لا يستطيع القيام بالفحص الطبي، لكن هذا ما يحدث رغم إنكار الجميع. يُستغل أيضًا أسبوع الفيفا للمنتخبات في إجراء الفحوصات الطبية خصوصًا للاعبين الذين يلعبون في دولٍ بعيدة حيث يصعب علينا السفر. وهذا ما كنت أفعله حينما كنت طبيب المنتخب الإنجليزي حيث ساعدنا الأندية في إجراء الفحوصات للاعبيهم الجدد في معسكر المنتخب.”

غالبًا ما يستغرق الفحص الطبي الشامل لأحد لاعبي الدوري الإنجليزي يومًا، ويتولى زمام الأمر طبيب النادي برفقة الأخصائي.
يشرح لوين العملية قائلاً: “نُخضع اللاعب لما نسميه فحصًا عضليًا هيكليًا كاملًا لمعرفة المدى الحركي لمفاصله. كما يفيدنا التاريخ المرضي لإصاباته وعملياته وما خضع له من فحوصات.
ومن ثمّ يُجرى فحص لقلب اللاعب؛ كتخطيط صدى القلب، وتخطيط القلب الكهربائي (ECG) الذي قد يُجرى وهو في وضع التمرين حيث يكون على دراجة أو جهاز المشي. كما يتم إجراء تصوير شامل بالرنين المغناطيسي كما يحدث عادةً في الأندية الكبرى، ثم يُجرى تصوير أدق للمفاصل التي سبق للاعب أن أُصيب بها، وإن وضحت أي علّة فتُؤخذ بها مشورة طبيب جراحة العظام.”
وما سبق يحتاج تنظيمًا للوقت خاصةً أن عددًا قليلاً جدًا من الأندية -باستثناء السيتي ويونايتد- لديها مرافق طبية حديثة مهيّأة لفحص اللاعبين في مقر تدريباتها. يعلّق لوين: “نعدّ في اليوم الذي يسبق الفحص جدولًا بجميع المتطلبات لإجراءه في يومٍ واحد. إذ يأتي اللاعب مباشرةً من المطار فيتوجب علينا استقباله ومن ثم فحصه في العيادة وإجراء الإختبارات والإستشارات اللازمة.
يعتمد الأمر بعد ذلك على مدى شمولية الفحص، فقد تكون هنالك رغبة لإجراء مجموعة من اختبارات الحركة واللياقة البدنية واختبار قوة العضلات، ولكن هذا لا يُعتبر بالضرورة جزءًا من الفحص، إنما لجمع البيانات التي نحتاجها لإنشاء الملف الشخصي الطبي للاعب. لذا فإن بعض الأندية تفعل ذلك في حال وجود وقت أو تأجيلها بعد التوقيع مع اللاعب.”

يعد هذا الاختبار قفزة كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية حيث يسمح للمعنيين بالمقارنة المعتمدة على بياناتٍ واضحة للاعبيهم بدلاً من الاعتماد على التقارير الذاتية والملاحظات المبنية على ما رأته العين.
يوضح هانكوك الذي سبق وكان طبيبًا لعديد من فرق كرة القدم والسلة: “هناك الكثير من المعلومات الجاهزة والمتاحة للأطباء في حال قدوم أي لاعب جديد، لذا فإن الأمر لا يقتصر على مجرد الرأي، حيث يمكن جمع المعلومات الموضوعية حول كل ما يتعلق بجسد اللاعب من حيث القوة وردة الفعل. بالإضافة إلى عدة اختبارات يمكن إجراؤها كتجسيد حركة اللاعب عن طريق النماذج ثلاثية الأبعاد، واختبار مدة البقاء في الهواء عبر اللوح المسمى بـ “Force Plate” إذ يقيس سرعة اللاعب عبر الوقت المستغرق بين قفزه وهبوطه.”

وحتى ندرك التطورات التي حدثت فيما يتعلق بفحوصات القلب، يكفي أن نستذكر الصفقة القياسية لانتقال اللاعب آسا هارتفورد إلى ليدز عام 1971م بعد أن كشف الفحص الطبي وجود ثقب صغير في قلب اللاعب.

يضيف الطبيب السابق: ” ورغم طبيعة هذا الفحص الروتيني إلا أنه لم يكن موجودًا سابقًا، فبعد حادثتي كليف كلارك وفابريك موامبا والتي حظيتا باهتمام إعلامي كبير، تغيرت أهمية دور فحص القلب حيث منح الفرصة لتحديد ماهية المعلومات التي لا يحبّذ أحد معرفتها. ويشكل الفهم الخاطئ لارتباط العمر بالفحص الطبي أثرًا سلبيًا على النادي واللاعب، إذ لا يتعلق بعدد المباريات التي خاضها اللاعب وطول مسيرته. وعلى العكس أصبح أكثر صرامة مما كان عليه حيث يُطبّق من قبل الفيفا في الأكاديميات وحتى سن 13-14.

يتعلق الأمر بشكلٍ أكبر بانتقال اللاعبين من الدول التي لا تكون فيها العملية منظمًا كما تجب، ولذلك فإن إحدى المشكلات المتكررة هي الوصول المتأخر للاعب في يوم الموعد النهائي للانتقالات حيث لا يوجد الوقت الكافي لإجراء الفحص، وبهذا تضطر إلى الإعتماد على تاريخه الطبي والفحوصات التي خضع لها على الصعيد الدولي ككأس العالم و البطولات الأوربية، كما تعتمد أحيانًا على ماكتبه الآخرون.”
يقول لوين معلقًا على عدم إجراء بعض الفحوصات بسبب ضيق الوقت: “يجب توضيح هذا في البيان الطبي لتقييم المخاطر والذي لا يعتبر فحصًا طبيًا، حيث علينا أن نذكر مثلًا أننا لم نتمكن من إجراء فحوصات القلب للاعب لكننا على علم بأنه سبق وأجراه في عام كذا وكذا.”

وفي المقابل هناك حالات تستلزم المشاورات الطبية الضرورية مع الأطباء الخبراء حيث يذكر لوين استغراق أحد الفحوص الطبية يومين بعد توقيعهم مع أحد اللاعبين الذين يعانون من مشكلة قلبية، حيث استعانوا ببروفيسور لإجراء المزيد من الفحوصات عليه.
على الرغم من موافقة هانكوك التامة لما قاله لوين في أن الفحص الطبي ليس إجتيازًا من عدمه، إلا أنه يشدد على أن فحص القلب أحد “الأشياء الحاسمة التي يمكن أن تؤدي إلى فشل اللاعب في اجتياز الفحص” وهذه النتيجة تحتم إما فشل الصفقة أو اخضاعه لمزيد من الاختبارات. وقد حدث له مرتين أن اكتشف من خلال الفحص أحد الأمراض المهمة لتوقف القلب المفاجئ للرياضيين الشباب وهو الاعتلال الضخامي الانسدادي لعضلة القلب.

غالبًا ما يسّهل اللاعب إجراءات الفحص الطبي حين يُطلع الأخصائيين حول ما يدل على المشاكل المحتملة مثل تناول أقراص مضادة للإلتهابات ليتمكن من اللعب جراء إصابة أو غيره.
يضيف ستيوارت حول تكتم اللاعبين على إصاباتهم متذكرًا الفترة التي قضاها في برايتون: “أثناء الفحص الطبي بعد توقيعنا مع لاعبٍ كنت أعرفه مسبقًا، سألته وهو على السرير: (هل سبق لك أن خضعت لأي عمليات جراحية؟). أجاب: (لا، لا أعتقد ذلك). قلت: (لم يكن لديك إذًا أي عمليات من قبل؟ لكن ما هذه الندبة؟) فرد مستدركًا: (أوه، صحيح، لقد خضعت لعملية الرباط الصليبي الأمامي.)
كنت أعرف تمامًا الأمر ومن أجرى له العملية ومتى قام بها. لم تحدث مشكلة لكنه أضحكني فقط حيث لا يمكن اخفاء شيء كأثر ندبة بستة بوصات في الفحص الطبي.”

يقول أحد الأطباء أصحاب الخبرة: “في النهاية يعتمد الأمر على معدل اللعب، غالبًا لن يتعرض اللاعب إلى مشاكل خطرة إذا خاض مباراة أسبوعًا بعد أسبوع. أتذكر حين لم يجتز فان نيستلروي الفحص الطبي في اليونايتد حيث اُكتشفت علة في ركبته، وفي غضون أسبوع تعرض لتمزق في رباطه الصليبي.”
كان السير أليكس فيرجسون في إجازة صيف 2000م حين تلقى رسالة من النادي حول عدم اجتياز نيستلروي للفحص الطبي. كتب فيرجسون في سيرته الذاتية: “كنا في اليونايتد على يقين من أنه قطع في الرباط الصليبي، لكن إيندهوفن لم يوافقنا الرأي وأصر على أن جميع الفحوصات لا تظهر سوى تمزق بسيط في الأربطة والذي لا يمنع من اجتياز الفحص. لكن لم يتفق طبيب النادي -مايك ستون- مع ذلك.”
قد يكون قرار ستون أزعج إيندهوفن، لكن ثبت صحة ما فعله حين سقط فان نستلروي متألمًا من ركبته بعد ارتقائه لرأسية في الحصة التدريبية التي أجراها النادي الهولندي لليونايتد.

استمع اليونايتد إلى نصيحة ستون -وهذا قلما يحدث- ولم يتعاقد مع اللاعب إلا بعد عام حين تعافى. يعترف ستيوارت: “تعرضت لمواقف لم يجتز فيها اللاعبون الفحص الطبي ورغم ذلك يصر المدير على التعاقد معهم، وهذا ما يجعلني أتساءل حول أهمية وجودنا في النادي.”
يقول هانكوك معلقًا: “هناك سيناريوهات حدثت لي حيث يتعاقد النادي مع اللاعبين بغض النظر عن نتيجة الفحص. أتذكر أن أحد اللاعبين قال لي: “وقعت العقد بالفعل لذلك لا يتوقف الأمر على هذا الفحص. تتعلق المسألة بشركات التأمين وهذا ما لا تستطيع الأندية تجاوزه.”
من السهل معرفة ما يجعل الأخصائي وكأنه يسبح عكس التيار؛ عدد المستفيدين من الصفقة، اللاعب، وكيله، والمدرب الذي يريد تعزيز فريقه، وفريق التعاقدات الذي يبذل جهدًا كبيرًا لإبرام الصفقة قبل المنافسين.
لهذا لا يريد أحد سماع أية أخبار سلبية متعلقة بالفحص الطبي -وإن كانت النوايا سليمة- سواء من اللاعب أو النادي. يقول أحد الأطباء أنه تم استدعاؤه إلى مجلس الإدارة ليشرح نتائج الفحص الطبي السلبية لأحد الوكلاء، حيث قيل له: “عليك أن تبرر ما ذكرته في الفحص. آسف، هلّا ذكرتنا بالجامعة التي ارتدتها؟”
يكمل هانكوك قائلًا: “في المقابل كان لدينا لاعبين يجتازون الفحص الطبي وهم بحالة ممتازة، لكنهم ليسوا كذلك على صعيد اختبارات الآداء فوفقًا للنتائج لا تتوقع منهم الكثير بسبب قدرتهم البدنية، ورغم ذلك يصر المدرب على التعاقد معهم. وهنا نسترجع التساؤل حول الفائدة مما نقوم به.”

يوضح هانكوك، الذي يدير الآن شركة (Apollo) المتخصصة في إدارة البيانات الرياضية وتحليلها، أنه تعلم بمرور الوقت اتخاذ وجهة نظر عملية عندما يتعلق الأمر بالعلاج الطبي في كرة القدم حيث يروي لنا قصة عن لوكاس راديبي الذي عانى من إصابة في كاحله حينما كان في ليدز، فتم اخضاعه -بتردد- لاختبار اللياقة صباح أحد أيام مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، ثم أبلغ هانكوك بدوره بيتر ريد – مدرب ليدز في ذلك الوقت- بعدم إمكانية مشاركته حيث لا يستطيع الحركة -على حد وصفه-.

لكن ريد طلب محادثة راديبي على انفراد، ثم عاد لهانكوك وقال: “سيلعب”، مما أغضب الأخير. لكن الأمر اختلف بعد نهاية المباراة حيث يقول هانكوك: “كان لوكاس من الطراز العالمي، لقد تعلمت درسًا جيدًا حقًا ذلك اليوم ألا وهو: لا تأخذ الأمر على محمل شخصي أبدًا.
لذا، لك الحق كطبيب في مناقشة النادي حين يتجاهل أو يعارض رأيك الطبي، ولكن في النهاية مهمتك فقط القيام بوظيفتك على أكمل وجه، إذ لست مالك النادي أو من يدفع الأموال ممن لهم القرار النهائي.”
يقول لوين حول ما إذا كان يشعر الأطباء بالضغط نظرًا لكل ما يحدث جراء الانتقالات: “طبعًا، نشعر بالضغوط أولاً تجاه مسؤوليتنا في الاهتمام بسلامة اللاعبين. ولكن الأهم -وهذا شيء يصعب على الناس فهمه- هي مهنتنا كأطباء، إن لم نؤدّ مهمتنا بالطريقة الصحيحة فسيتم شطبنا.
لذا عليك الاهتمام باللاعب وبمهنتك كطبيب. كما عليك مسؤولية تجاه النادي؛ إذ تقع على عاتقك مسؤولية إطلاعهم بالأخبار السيئة والجيدة.”
يقول لوين عن أهمية توثيق الأخبار السيئة: “عندما تقوم بكتابة تقريرك عن الفحص الطبي عليك أن تضمّن جميع الحقائق والمخاوف المتعلقة باللاعب حتى تجنّبك نفس من المشاكل.”
ويعيد هذا إلى الأذهان النزاع القانوني طويل الأمد في سندرلاند بين لاعب خط الوسط الأرجنتيني الذي انضم من إنتر ميلان في 2014 ريكاردو ألفاريز، واشتياق رحمان -الرئيس السابق للقسم الطبي لأندية الدوري الممتاز- حيث عانى ألفاريز خلال فترة إعارته من مشاكل الإصابة قبل أن يتعاقد معه سندرلاند بصفقة دائمة بعد ضمانه البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ولكن بعد ذلك انسحب سندرلاند رافضًا التوقيع مع اللاعب مما دفع إنتر ميلان إلى رفع دعوى قضائية مقابل دفع قيمة سعر شراء اللاعب (9 ملايين جنيه إسترليني + الفوائد). كما رفع اللاعب دعوى قضائية إلى محكمة التحكيم الرياضية على سندرلاند طالبًا التعويض بسبب إنهاء العقد، مما أدى إلى تعويضه بـ 4.77 مليون جنيه إسترليني.
لكن سندرلاند يؤمن أن كل ما حدث بسبب الطبيب اشتياق مما دفعهم إلى رفع دعوى قضائية ضده، وفي جلسة الاستماع الأولى قال الممثل القانوني لـ سندرلاند أن النادي تكبد خسائر ناجمة بسبب “الإهمال المزعوم في إجراء الفحص الطبي والإشراف عليه” مستشهداً بكيفية “فشل المدعى عليه في تنبيه المسؤولين بالخطر العالي المحتمل لإصابة ركبة اللاعب اليمنى مستقبلًا.”
اعترض الطبيب اشتياق في الجلسة على المزاعم التي قيلت ونفي مسؤوليته حيث ينوي رفع دعوى مضادة. يقول المستشار القانوني الخاص بالطبيب أن التقييم الطبي “أُجري بالفعل” من قبل أطباء آخرين في سندرلاند أثناء تواجده مع الفريق في إحدى مباريات الذهاب خارج المدينة.
تُتابَع هذه القضية باهتمام كبير من قبل المعنيين في المجال، ويمكن أن تكون للنتيجة إذا نجحت مطالبة سندرلاند تداعيات كبيرة فيما يتعلق بموضوع الفحص الطبي، سواء من حيث تخوف الأطباء حول ما سيوقعون عيه في التقارير أو التعويضات.”

في النهاية يوضح أحد الأطباء أنه لا يوجد فحص طبي قادر على التنبؤ بما سيحدث للاعب في المستقبل، لذلك ما يفعلونه هو إعطاء رأيهم الطبي حوله، والأمر متروك للأندية في اتخاذ القرار النهائي فيما تودّ فعله.

-تقرير ستيوارت جيمس من ذا اتليتيك-

شاهد أيضاً

ليستر سيتي يعلن إقالة المدرب رودجرز

توصل نادي ليستر سيتي إلى اتفاق متبادل مع بريندان رودجرز يقضي بتركه للنادي بعد أربع …

تنفق أندية البريمير ليغ 318 مليون باوند على الوكلاء

قال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إن أندية االبريمر ليغ أنفقت 318.2 مليون جنيه إسترليني على …

تشيلسي يتنافس بقوة على أوسيمين

تشيلسي من المنافسين الأقوياء للتعاقد مع مهاجم نابولي فيكتور أوسيمين هذا الصيف، وفقًا لصحيفة إيفنج …

ماونت مهتم بالإنضمام الى توخيل في بايرن ميونخ

يهتم ماسون ماونت بالانضمام إلى بايرن ميونيخ والالتقاء مجددًا مع توماس توخيل بعد أن تم …

برايتون يستعد لتجديد عقد المهاجم فيرغسون

يخطط برايتون لتجديد عقد النجم الشاب إيفان فيرجسون وسط اهتمام من اندية التوب 6 بالبريمير …

اهلاً وسهلاً، شاركنا رأيك او استفسارك للإجابة عليه في اقرب وقت ممكن