بعد يومٍ واحد من مُشاهدة العالم في حالة رُعبٍ عندما أعلن فلاديمير بوتين عن عمليته العسكرية الخاصة. بدأت كرة القدم الأوروبية في إتخاذ إجراءاتٍ حازمة بشأن الغزو الروسي لـ أوكرانيا حيث أعلن اليويفا يوم أمس نقل نهائي دوري أبطال أوروبا من مدينة سان بطرسبرج الروسية إلى مدينة باريس.
هذا لم يكن كل شيء، حيث تم إخبار الأندية الروسية و المنتخب الروسي بأنه يجب عليهم لعب أي مباراة يُنظمها الإتحاد الأوروبي في دولةٍ أجنبية

— تتفهم الأثليتيك أيضًا بأن الهيئة الإدارية لكرة القدم الأوروبية تُجري مُناقشاتٍ مع مُحاميها لإنهاء العلاقة مع الشركة الروسية غازبروم.
مما لا يُثير الدهشة، تصرفات اليويفا التي حُدِدَت في إجتماعٍ عُقِد يوم أمس للجنة التنفيذية لم تسر الأمور بشكلٍ جيد في روسيا.
— ألكسندر ديوكوف، رئيس الإتحاد الروسي و المدير التنفيذي لشركة غازبروم قال:” نعتقد بأن تغيير مكان نهائي دوري الأبطال تمليه أسبابٌ سياسية.”
و تابع ديوكوف حديثه:” لقد إلتزم الإتحاد الروسي دائمًا بمبدأ الرياضة خارج السياسية، و بالتالي لا يُمكن دعم هذا القرار.”

و لكن، ماهي التداعيات التي قد تترتب على قرار اليويفا بنقل نهائي دوري الأبطال عن روسيا ؟ ما مدى إحتمالية وقف الشراكة التجارية بين اليويفا و شركة غازبروم؟
لماذا لم يتخذ الفيفا قرارًا مُشابهًا لقرار اليويفا بنقل المباراة المؤهلة لكأس العالم المُقرر إقامتها في روسيا الشهر المُقبل ؟
هُنا، ستُجيب الأثليتيك عن بعض القضايا التي كانت سُلطات كرة القدم تتصارع معها في أعقاب الغزو الروسي لـ أوكرانيا.
— هل ستكون هناك تداعياتٌ على قرار مقل اليويفا لمكان نهائي دوري الأبطال؟

بخلاف بعض حديث المسؤولين الروس، لا. تطرح الحروب بين أعضائها دائمًا أسئلة صعبة للهيئات الرياضية الدولية — لكن هذا لم يكن سؤالاً صعبًا.
و مع ذلك، جاءت الأحاديث من الشرق. في غضون دقائق من تأكيد قرار اليويفا يوم أمس، لعب رئيس الإتحاد الروسي ورقة ” إبقاء الرياضة خارج السياسة”. إنها قصة خيالية يُحِب السياسيون روايتها كلما كانوا على وشك تسييس الرياضة.
ديوكوف، رئيس الإتحاد الروسي و الرئيس التنفيذي لثالث أكبر مُنتج للنفط في روسيا، غازبروم نفط و هي شركة تابعة للشركة العملاقة غازبروم.

— غازبروم أحد أكبر رعاة اليويفا و فقدان هذه الفرصة الإعلانية ستجعل ديوكوف غاضبًا تمامًا مع فلاديمير بوتين.
المتحدث الرسمي بإسم الكرملين، ديمتري بيسكوف نجح في إيجاد بعض الوقت في محاولته الأخيرة لإقناع العالم بأن الأسود أبيض و العكس صحيح. للتعبير عن إشمئزازه من أن الهيئة الحاكمة لكرة القدم الأوروبية لا تُريد تنظيم أهم مبارياتها السنوية في بلدٍ أطلق الصواريخ على عاصمة دولة أوروبية أخرى.
و قال بيسكوف:” يا له من عارٍ بأن يُتَخَذ هذا القرار. كان من المُمكن لـ سان بطرسبرج أن توفر جميع الظروف المواتية لإقامة مهرجان كرة القدم هذا.”
— لماذا تم نقل النهائي لـ باريس ؟
كان هذا القرار سهلاً نسبيًا بالنسبة لليويفا.
ويمبلي ستُلعب عليه مباريات البلاي اوف، و ملعب توتنهام سيكون مكانًا لنهائي دوري الرجبي لذلك أفضل ملعبيّن في لندن غير مُتاحان. و لم يكن ملعب ويست هام الحالي على قائمة اليويفا لأن يُقام عليه نهائي دوري أبطال أوروبا
واقعًا، لندن لم تكن ضمن قائمة المُستضيفين حيث من المُقرر أن يُلعب نهائي دوري أبطال أوروبا في ويمبلي عام 2024. حيث إستضاف ويمبلي 8 مباريات في اليورو الأخير. و قد حققت لندن أداءًا جيدًا فيما يخص الكرة الأوروبية في السنوات الأخيرة و هي على إستعداد لإستضافة يورو 2028 أيضًا.
لذلك، لقد جاء دور شخصٌ آخر هذه المرة [ أي مدينةٍ أخرى غير لندن ] و قام اليويفا بفحص أي من المُدن الأوروبية الكبرى و ملاعبها مُتاح لإستضافة النهائي
— أمستردام، روما و ميونخ تم ذكرهم و لكن حصلت باريس على الموافقة لإستضافة المباراة النهائية
ستاد دي فرانس، بُنيّ في 1998 لكأس العالم و هو ساپع أكبر ملعب في أوروبا. إستضاف نهائيات كأس العالم و الرجبي و سبع مباريات في يورو 2016 و نهائييّ دوري الأبطال كان آخرها في 2006.

لذلك يُعتبر ملعبًا جيدًا و يمتلك خبرة في تنظيم الأحداث المُهمة و يُمكن الوصول إليه بسهولة من قِبَل الأندية التي لاتزال مُشاركةً في البطولة حتى اللحظة. بما فيها الأندية الفرنسية ليل و باريس سان جيرمان.
و بالطبع، قد تكون هذه مكافأة لنادي باريس الذي يطمح لتحقيق لقب دوري الأبطال لأول مرةٍ في مدينته. و مكافأة لرئيس النادي ناصر الخليفي، رئيس مجموعة BEIN SPORTS أحد أكبر شركاء البث لليويفا و رئيس إتحاد الأندية الأوروبية و هو المنصب الذي كسبه بعد عدم دخول ناديه في السوبر ليغ

— هل سيكون اليويفا تحت ضغطٍ شديد الآن لإنهاء شراكتهم مع شركة غازبروم الروسية؟
من ناحية أخرى، قد تتعاطف مع اليويفا. غازبروم هي واحدة من ثمانية شركاء تجاريين رئيسيين لليويفا و تدفع ما يقارب 34 مليون باوند لليويفا سنويًا
ولأن غازبروم ليست مُجرد شركة تصادف أنها من دولةٍ مُنخرطة في نزاعٍ سياسي خارج عن إرادتها. فإنها تُعد مملوكة للأغلبية في الدولة الروسية و كانت السيطرة على أصولها الضخمة من النفط و الغاز واحدة من أولى المهام التي أرادها بوتين عند توليه الرئاسة في عام 2000

أما من حيث الأهمية الدولية، فإن الإقتصاد الروسي في الأساس يُعد قائم على شركة غازبروم و حفنة من الشركات الأخرى المتحالفة مع الدولة التي تستغل الموارد الطبيعية لـ روسيا.
لذلك، إذا كان بوتين سينجو من العقوبات الإقتصادية التي أطلقتها حربه في أوكرانيا، فستلعب غازبروم دوراً كبيرًا فيما يتعلق بتوليد النقد و ممارسة الضغط على الغرب لتخفيف تلك العقوبات.
و تتفهم الأثليتك بأن مُحاموا اليويفا ينظرون في عقدٍ مع غازبروم تم تجديد لمدة 3 أعوام
و يبحث المُحامون عن طُرُق لقطع العلاقة دون التسبب في أضرارٍ عقابية. إذا كانوا يتمتعون بالبصيرة الكافية لوضعٍ بندٍ يُلغي العقد في حالة الحروب و إستخدام الأسلحة و حالات الطوارىء الوطنية، فهذه لن تكون مشكلة كبيرة

100م£ على مدار ثلاثة سنوات لا يُمكن التخلي عنها، لكنها جزء ضئيل مما تكسبه اليويفا من البث، ويجب أن لايكون هناك نقصٍ في الشركات الأخرى التي ترغب في إدراج إسمها في المسابقات الأوروبية مقابل مايقرب من الكثير من المال على هذا النحو
و إذا لم تكن لغة العقد مكتوبةً بإحكام، حسنًا، فإن اليويفا لديه مشكلة أكبر؛ معضلةً أخلاقية.
— هذا ما يقوم به نادي شالكه أيضًا، حيث ترعاهم شركة غازبروم مُنذ 2007 و من المُحتمل أن يكون هناك حساب مالي لهذا القرار، تمامًا مثل ما سيكون هناك لليويفا.
أحيانًا فعل الصواب يُكلِف الأموال.
— ماذا عن الفيفا ؟
لا أحد يُحب الحكايا الخيالية” إبقاء السياسة خارج الرياضة.” أكثر من رئيس الفيفا إنفانتينو، لكنك تقلق بشأن الدمار الذي سيكون عليه عندما يُدرك أخيرًا بأنها خُرافة

لحسن الحظ، لاتزال لحظة الوحي تلك بعيدة المنال. يظل الخط الرسمي للفيفا هو البيان الرسمي الذي أصدروه يوم الخميس عندما قالوا:” نُدين إستخدام روسيا للقوة في أوكرانيا و أي نوعٍ من العُىْف لحل النزاعات.” و أن ذلك ليس الحل أبدًا و دعوا جميع الأطراف للسلام من خلال الحوار البنّاء
و تابع الفيفا الحديث:” أما فيما يتعلق بأمور كرة القدم في كلتا الدولتين، سيواصل الفيفا مراقبة الموقف و سيتم إخطاركم بالتحديثات المتعلقة بتصفيات كأس العالم 2022 في الوقت المناسب.”

ليس من الواضح ما إذا كان ذلك قبل سقوط كييف أم لا لكن الفيفا يتخلّف بالفعل عن مُشجعي الحكايات الخرافية الكبرى كاللجنة الاولمبية الدولية في رهانات التحديات.
كما حثّ رؤساء الألعاب الأولمبية جميع الإتحادات الرياضية الدولية بما فيها الفيفا لنقل أو إلغاء الأحداث الرياضية في روسيا
تم حثّ اللجنة الأولمبية الدولية على إجراء هذه الدعوة لأن روسيا و بيلاروسيا قد إنتهكتا الهدنة الأولمبية التي بدأت قبل إسبوع من إنطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية في وقتٍ سابق هذا الشهر وتنتهي بعد إسبوع من إختتام دورة الألعاب البارالمبية

كان هذا جيدًا لكن روسيا كسرت الهدنة الأولمبية في عاميّ 2008 و 2014 أيضًا، عندما هاجمت جورجيا و أوكرانيا تواليًا. و دعونا لاننسى أن روسيا تقضي حاليًا حظر لمدة عاميّن [ كان 4 أعوام لكن خُفِض للنصف من قِبَل محكمة التحكيم الرياضية ] بسبب إنتهاكاتها الهائلة بإستخدام المُنشطات
و من العقوبات على هذا الفعل أنها لاتهدف لتنظيم أحداث رياضية دولية كبرى. وهذا حظرٌ يمكن لليويفا تجاهله لأن اليويفا هيئة أوروبية و ليست دولية.
بالنسبة للفيفا، الأمر الذي لا يُمكن تجاهله هو مباراة تصفيات كأس العالم بين روسيا و بولندا المُقرر إقامتها في موسكو في 24 مارس.
و كتبت إتحادات كُلاً من التشيك، بولندا و السويد للفيفا بنقل المباريات لمكانٍ محايد و الإتحاد البولندي قال بأنه لاينوي اللعب ضد روسيا حيث قال رئيس الإتحاد البولندي:” بسبب التصعيد العدواني ضد أوكرانيا، لاننوي اللعب ضد روسيا.”